محمد صلاح وفلسطين و حمار جحا
“رضا الناس غاية لا تدرك”، فمهما امتلكت صفاتًا تقربك من المثالية، أو تمنحك لقب ملاك بشري، ستجد من يهاجمك وينال منك، من تخرج أحقاده السامة تجاهك كالأفعى،، في النهاية لن يجتمع عليك البشر ولو كانوا لاجتمعوا جميعًا على الأنبياء والرسل.
محمد صلاح نجم الكرة المصرية وليفربول الانجليزي، هو حديث الساعة خلال الأيام القليلة الماضية متصدر جميع “الترندات” بمواقع التواصل الاجتماعي، ربما اسمه عبر محركات البحث تفوق على كلمة “فلسطين” الغالية، التي تحترق قلوبنا من أجلها.
محمد صلاح كان دائم تصدر محركات البحث عبر جوجل بالشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، تارة لمرواغة مذهلة، وأخرى لهدف بديع، ومرات ومرات لأرقام قياسية يستمر في تحطيمها وحمل لواء الكرة العربية في بلاد الغرب، ولكن تصدره المشهد في الأيام الأخيرة أو بالتحديد في الساعات الأخيرة كان مختلفًا شكلاً ومضمونًا.
محمد صلاح الذي تغنت به جماهير الكرة العربية بل والانجليزية من عشاق الريدز وأبهر العالم بمهاراته الكروية الفذة، تعرض لهجوم لم يتعرض له لاعب كروي من قبل داخل البلاد العربية.
حالة من التصيد الغريب ضد جميع ردود أفعال محمد صلاح تجاه القضية الفلسطينة في الأيام الأخيرة، فبعد دقائق من تبرعه للهلال الأحمر المصري لصالح الشعب الفلسطيني ناله هجومًا غريبًا لعدة تداعيات، فذهب فريق يرى أن صلاح تعمد خروج مسئولي الهلال الأحمر بتصريحات لاظهار تبرعه بالمن والأذى، وآخرين رفضوا الدعم المالي مطالبين بالمعنوي حاله حال بعض اللاعبين بالكرة العربية.
ولم يفلت محمد صلاح من ألسنة البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر مقطع فيديو يطالب فيه بوقف العنف في غزة ويطالب فيه قادة العالم بالتدخل السريع وانقاذ الأبرياء من الشعب الفلسطيني، بداعي أن خطابه جاء محايدًا ولا يحمل تضامن كبير لأهل فلسطين.
حمار جحا وقصته الغريبة تلخص ما يمر به محمد صلاح من حيرة خلال الأيام الأخيرة بسبب ردود أفعال الشعوب العربية تجاهه.
فرفض المارون بجوار جحا ونجله ركوبهما سويًا على الحمار بداعي القسوة والمطالبة بالرفق بالحيوان، و بداعي عقوق الوالدين حينما ركب الابن الصغير وترك والده يجر الحمار، وبداعي غياب العاطفة عن الأب حينما جلس مستريحًا والابن مجهدًا في السير بالحمار، وبالغباء حين نزل الأب والابن ليجرا الحمار، وبالجنون حينما قام حجا وابنه في النهاية بحمل الحمار على كتفهما.
الخلاصة، سيلوم الجميع محمد صلاح مهما فعل، فربما المكانة المرموقة التي وصل لها محمد صلاح وترتيبه العالمي وسط نجوم المستديرة وما تمتع به من شعبية جارفة في أوروبا، دعا الغالبية للكثير في “العشم” في ابن نجريج، فلو ذهب صلاح سيرًا على الأقدام من الأنفيلد إلى غزة لانقاذ الأبرياء والوقوف في وجه الصواريخ الغاشمة لجيش الاحتلال سيتعرض للانتقادات، ولنا في حجا وحماره خير دليل.