بالصور – “أولمو” كلمة السر التي اكتسح بها إنريكي منظومة مانشيني

“كرة القدم ليست عادلة” عنوان مناسب يليق بخسارة المنتخب الإسباني على يد منتخب إيطاليا في نصف نهائي بطولة يورو 2020، بعدما ابتسمت ركلات الحظ الترجيحية للأتزوري في نهاية المطاف.

وانتهت المباراة بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، بعدما افتتح فيدريكو كييزا النتيجة في الدقيقة 59 قبل أن يعادل ألفارو موراتا النتيجة لصالح إسبانيا في الدقيقة 78.

تشكيل المباراة

حافظ المنتخب الإيطالي على الرسم التكتيكي المتبع تحت قيادة روبرتو مانشيني منذ بداية البطولة، وهو 4/3/3 مع استبدال سبينازولا المصاب بإيمرسون.

على الجانب الآخر، استمر لويس إنريكي على أسلوب 4/3/3 هو الآخر لكن بالتخلي عن مركز رأس الحربة الصريح واستبعاد ألفارو موراتا من التشكيل الأساسي والدفاع بأولمو كمهاجم وهمي.

وجاء تشكيل المنتخبين كالتالي:

خنق إيطاليا

المنتخب الإسباني منذ الدقيقة الأولى وتركيزه بالكامل هو منع إيطاليا من فرض أسلوبها والتدرج بالكرة كما اعتاد أبناء مانشيني منذ بداية البطولة، وذلك من خلال محاصرة العقل المدبر في وسط ملعب الأتزوري، جورجينيو أثناء بناء اللعب.

وكان المنتخب الإسباني يضغط بأسلوب رقابة رجل على رجل بشكل عالي لدرجة الوصول إلى منطقة جزاء إيطاليا، مع ترك لاعب واحد حر وهو إيمرسون، لضعفه في التعامل مع الكرة، ومع الوصول الكرة له يتم الضغط السريع عليه ليرسل كرة طولية غير متقنة وتسيطر إسبانيا عليها بسهولة.

هنا يضغط لاعبو إسبانيا بشكل قوي على لاعبي إيطاليا مع وجود إيمرسون بدون رقابة في الجهة اليسرى، وذلك لمنعهم من الحصول على أي فرصة للتدرج بالكرة.

الكرة تصل إلى إيمرسون هنا فيتم الضغط عليه بشكل مباشر وسريع من أزبليكويتا من الأمام وأوريزابل من الخلف، مع الاستمرار في رقابة ثنائي الوسط لإجباره على إرسال كرة طولية.

اضطر ماركو فيراتي للنزول أكثر للخلف من أجل مساعدة جورجينيو في الخروج بالكرة، لكن كوكي ظل مراقبًا له لمنعه من توزيع الكرة، كما أن عودة فيراتي أظهرت فجوة فارغة تمامًا في وسط ملعب إيطاليا بسبب عدم نزول إنسيني لهذه الممساحة من أجل المساعدة في الخروج بالكرة من ضغط إسبانيا.

وبالفعل نجحت خطة إسبانيا في تجريد إيطاليا من أسلوبها المعتاد، ولم تستطع كتيبة مانشيني السيطرة على الكرة وبناء أي هجمة تقريبًا على مدار 60 دقيقة قبل هدف التقدم.

ضغط إيطالي هش

المنتخب الإيطالي في عملية الضغط أثناء بناء إسبانيا للهجمة من الخلف، كان يضغط فقط بـ2 من لاعبيه مع عودة كييزا للتغطية مع جوردي ألبا.

زيادة عددية واضحة للمنتخب الإسباني في عملية بناء اللعب تستطيع بتمريرتين فقط كسر ضغط إيطاليا الهش وإخراج إنسيني وإيموبيلي من الهجمة تمامًا.

أولمو كلمة سر إسبانيا

“شاهدت ما فعله بونوتشي وكيليني في واحد من أقوى مهاجمي العالم، لوكاكو فكان علي أن أقوم بحيلة حتى أكسر صلابتهما” تصريح إنريكي الذي فسر به بعد نهاية المباراة توظيفه لأولمو منذ انطلاق اللقاء، ودعونا نرى كيف كسر إنريكي بالفعل المنظومة الإيطالية.

على الورق، اعتمد المنتخب الإسباني على رسم تكتيكي 4/3/3، لكن فعليًا داخل أرضية الملعب، كانت إسبانيا تلعب بـ4 لاعبين في الوسط مع جناحين يدخول من الطرف إلى العمق بالكرة وبدونها، وبدون وجود مهاجم.

فكرة إنريكي تلخصت في خلق زيادة عددية مستمرة على ثلاثي وسط إيطالي بتحركات أولمو بين الخطوط في المساحة التي يتركها لاعب إيطاليا الذي يتقدم للضغط على بوسكيتس، محور هجمات إسبانيا من الخلف.

موقف 4 لاعبين من إسبانيا في خط الوسط في مواجهة 3 لاعبين فقط من إيطاليا تكرر كثيرًا على مدار المباراة بالشكل الموضح من خلال تحرك أولما في المساحة خلف جورحينيو.

الشكل الذي يتمركز به لاعبو إسبانيا في وسط الملعب لتكوين مثلثات دائمًا الدوران والتحرك، يسهل دائمًا كسر تمركز خط وسط إيطاليا بدون أي معاناة، تمريرتان كافيتان للقيام بذلك.

وحينما يحاول جورجينيو السيطرة على أولمو ومراقبته، يظهر لاعب حر آخر وأحيانًا لاعبان كما في الصورة بمجرد خروج واحد من فيراتي أو باريلا للضغط على بوسكيتس.

الغريب أن الحل كان واضحًا للجميع، وهو عودة إيموبيلي للخلف قليلًا ومراقبة بوسكيتس لتعويض الزيادة العددية في وسط ملعب إسبانيا وإعطاء الأفضلية لثلاثي وسط إيطاليا للسيطرة على تحركات بيدري وكوكي إضافة إلى أولمو، لكن هذا لم يحدث على مدار 60 دقيقة تقريبًا.

إيطاليا تعود إلى سابق عهدها

بعد خطف الهدف الأول من مجهود فردي يُذكر فيُشكر من كييزا في هجمة مرتدة سريعة قادها إنسيني وكافح كييزا لوضعها في الشباك، قرر مانشيني العودة إلى النهج الإيطالي السابق، الكاتيناتشو.

استبدل مانشيني إيموبيلي الغير مُجدي لا دفاعيًا ولا هجوميًا، ووضع إنسيني في مركز رأس الحربة لاستغلال مهارته بالكرة وقدرته في تحريك الفريق في الهجمات المرتدة.

واتجه المنتخب الإيطالي إلى الضغط المنخفض لتضييق المساحة أمام تحركات لاعبي إسبانيا في أنصاف المساحات بين وسط الملعب والدفاع، والتحول إلى رسم تكتيكي 4/5/1 مع عودة المهاجم إلى مراقبة بوسكيتس “أخيرًا”.

كما موضح في الصورة، أصبحت المنظومة الدفاعية الإيطالية أشبه بالكتلة المسمطة لا توجد بينها فراغات كافية لتحرك اللاعبين بينهما وضرب ضغط خط الوسط، مع التخلي عن فكرة الضغط على حامل الكرة طالما لم يقترب من مناطق دوناروما.

إسبانيا تغزو الأطراف

مع غلق إيطاليا لعمق الملعب حيث صال وجال لاعبو إسبانيا على مدار 60 دقيقة، قرر إنريكي ان يغير من استراتيجيته وذلك من خلال الاختراق من الأطراف.

دفع إنريكي بموراتا ومورينو وأصبح هدف الثلاثي الأمامي المكون منهما رفقة أولمو، هو الدخول في العمق باستمرار لسحب الظهير معهم وفتح المجال أمام أظهرة إسبانيا للانطلاق للأمام، وذلك لاستغلال النقص البدني الواضح لجناحي إيطاليا.

في هذه الصورة، يظهر لنا موراتا وأولمو ومورينو أمام منطقة الجزاء، مع فتح أزبليكويتا وجوردي ألبا الملعب على مصرعيه لتوفير أنصاف مساحات يستطيع بيدري وكوكي استهدافها من العمق أو ينطلق الظهيرين في المساحة مع الخروج المتوقع لأظهرة إيطاليا للتغطية على أنصاف المساحات.

وفي لحظة خروج عن المنظومة من البديل بيسينا وضغطه غير المبرر على حامل الكرة وترك مركزه في وسط الملعب، فرغت المساحة إلى ألفارو موراتا الذي قام بدور المهاجم الوهمي الذي استلم الكرة وانطلق بدون أي مضايقة إلى دفاعات إيطاليا، التي ضُربت بسهولة بلعبة “وان تو” ويسجل التعادل.

لويس إنريكي دفع ضريبة نقص الجودة الهجومية، وتحديدًا في إنهاء الهجمات أمام المرمى، وهو ما كلفه الخسارة في النهاية رغم تفوقه الكامل على مانشيني على مدار الـ120 دقيقة.

كرة القدم كافأت مانشيني على مشواره في البطولة منذ البداية، لكنه إن كرر سيناريو تلك المباراة في النهائي فاعتقد أنه سيدفع ثمنه غاليًا وسيكلفه ذلك ضياع البطولة.